مقدمة: أهمية التحكم في درجة حرارة الفراخ البيضاء في المزرعة

يُعد التحكم في درجات الحرارة من أهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على صحة ونمو الفراخ البيضاء، ولهذا السبب، فإن جدول درجات الحرارة للفراخ البيضاء ليس مجرد أرقام، بل هو خارطة طريق للوصول إلى أعلى معدلات الإنتاج وأفضل جودة للحوم. يتطلب الأمر فهمًا عميقًا لكيفية استجابة الكتاكيت للتغيرات الحرارية في كل مرحلة من مراحل حياتها. تبدأ رحلة التربية من اليوم الأول، حيث تكون الكتاكيت حديثة الفقس شديدة الحساسية للبرودة، وتتدرج احتياجاتها مع تقدم العمر وزيادة حجمها وقدرتها على تنظيم حرارة جسمها. هذا التحليل الشامل للجدول الزمني يهدف إلى توضيح الأسباب الكامنة وراء كل تغيير في درجة الحرارة، وكيفية تطبيق هذه المعرفة لضمان دورة تربية ناجحة ومربحة.

إن إهمال ضبط درجات الحرارة قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مثل انخفاض معدلات التحويل الغذائي، وزيادة التعرض للأمراض، وتأخر النمو، مما يؤثر سلبًا على الأرباح. على العكس، فإن الالتزام الدقيق بجدول درجات الحرارة يوفر بيئة مثالية لنمو صحي وقوي، ويساعد على تقليل الإجهاد الحراري، ويضمن استهلاكًا مثاليًا للعلف والماء. هذا الجدول يمثل دليلًا عمليًا يجمع بين العلم والخبرة العملية لتقديم أفضل رعاية ممكنة لهذه الطيور.

الأسبوع الأول: مرحلة الحضانة الحرجة

يُعتبر الأسبوع الأول من حياة الفراخ البيضاء هو الأكثر أهمية وحساسية على الإطلاق. خلال هذه المرحلة، تكون الكتاكيت ضعيفة للغاية وغير قادرة على تنظيم حرارة أجسامها بشكل فعال. يهدف جدول درجات الحرارة في هذا الأسبوع إلى توفير بيئة تحاكي دفء الحضانة الطبيعية، مما يسمح للكتاكيت بالتركيز على النمو بدلاً من محاولة تدفئة نفسها. تبدأ درجة الحرارة عند 34 درجة مئوية في اليوم صفر وهو يوم الاستقبال، وتقل تدريجيًا لتصل إلى 29 درجة مئوية في اليوم السابع. هذا الانخفاض التدريجي يحفز الكتاكيت على التكيف مع البيئة الخارجية، ويساعد على تقوية نظامها المناعي.

تكمن أهمية هذه المرحلة في أن أي انحراف عن درجات الحرارة الموصى بها قد يؤدي إلى تجمع الكتاكيت فوق بعضها البعض بحثًا عن الدفء في حالة البرودة، مما يزيد من خطر الاختناق والدهس، أو ابتعادها عن مصدر الحرارة في حالة الحرارة الزائدة، مما يقلل من استهلاكها للماء والعلف. الالتزام بالجدول في هذا الأسبوع يضمن بداية قوية، وتطورًا صحيًا للجهاز الهضمي والمناعي، ويضع الأساس لتحقيق وزن مثالي في نهاية الدورة.

الأسبوع الثاني: بداية النمو السريع

في الأسبوع الثاني، تبدأ الفراخ في اكتساب المزيد من الوزن والريش، وتصبح قدرتها على تنظيم حرارة جسمها أفضل قليلًا. يواصل جدول درجات الحرارة في الانخفاض التدريجي، حيث يبدأ من 28 درجة مئوية في اليوم الثامن ويصل إلى 26 درجة مئوية في اليوم الرابع عشر. هذا الانخفاض يحفز نمو الريش ويساعد الطيور على التأقلم مع درجات حرارة أبرد بشكل تدريجي.

خلال هذا الأسبوع، يصبح استهلاك العلف والماء أكثر أهمية. درجات الحرارة المرتفعة قد تقلل من شهية الطيور وتؤدي إلى إجهاد حراري، بينما درجات الحرارة المنخفضة تجعلها تستهلك كمية أكبر من الطاقة لتدفئة نفسها بدلاً من تحويلها إلى لحم. لذلك، فإن الحفاظ على درجة الحرارة ضمن النطاق الموصى به أمر ضروري لضمان تحقيق أعلى معدل تحويل غذائي.

الأسبوع الثالث: مرحلة الترييش والنمو المستمر

يتميز الأسبوع الثالث بزيادة كبيرة في حجم الفراخ وتطور نمو الريش. في هذه المرحلة، تصبح الطيور أكثر قدرة على تحمل درجات الحرارة المنخفضة، مما يسمح لنا بتقليل درجة الحرارة بشكل أكبر. يبدأ الجدول بـ 25 درجة مئوية في اليوم الخامس عشر ويظل ثابتًا عند هذا المستوى حتى اليوم التاسع عشر، ثم ينخفض إلى 24 درجة مئوية في اليوم العشرين، ويبقى عند هذا المستوى حتى اليوم الحادي والعشرين.

تعد درجات الحرارة في هذا الأسبوع مثالية لنمو العضلات واكتساب الوزن. يجب مراقبة سلوك الفراخ بعناية، فإذا كانت تتجمع مع بعضها البعض، فهذا قد يشير إلى الحاجة لرفع درجة الحرارة قليلًا. وعلى العكس، إذا كانت تلهث وتتنفس بسرعة، فهذا يعني أن الجو حار جدًا ويجب تهوية المكان أو خفض درجة الحرارة. هذا التوازن الدقيق هو مفتاح النجاح في تربية الدواجن.

الأسبوع الرابع: ذروة استهلاك العلف والماء

في الأسبوع الرابع، تصل الفراخ إلى مرحلة من النمو السريع واستهلاك كميات كبيرة من العلف والماء. تكون درجة الحرارة المثلى في هذه المرحلة هي 23-24 درجة مئوية. يبدأ الجدول بـ 24 درجة مئوية في اليوم الثاني والعشرين، وينخفض إلى 23 درجة مئوية في اليوم الرابع والعشرين، ويستمر عند هذا المستوى حتى اليوم الثامن والعشرين.

التحكم في درجة الحرارة خلال هذا الأسبوع مهم لمنع الإجهاد الحراري، الذي يمكن أن يؤثر سلبًا على كفاءة التحويل الغذائي ويجعل الطيور أكثر عرضة للأمراض. مع ازدياد حجم الفراخ، تزداد أيضًا الحرارة التي تنتجها أجسادها، مما يتطلب تهوية أفضل لتجنب ارتفاع الحرارة في الحظيرة.

الأسبوع الخامس: التحضير للنهاية

يُعتبر الأسبوع الخامس فترة حرجة حيث تواصل الفراخ نموها بشكل سريع وتصل إلى أحجام كبيرة. يواصل جدول درجات الحرارة انخفاضه، حيث يبدأ بـ 22 درجة مئوية في اليوم التاسع والعشرين ويستمر عند هذا المستوى حتى اليوم الثاني والثلاثين، ثم ينخفض إلى 21 درجة مئوية في اليوم الثالث والثلاثين ويستمر عند هذا المستوى حتى اليوم الخامس والثلاثين. هذه الدرجات الحرارية المنخفضة نسبيًا ضرورية للحفاظ على راحة الطيور الكبيرة ومنع الإجهاد الحراري.

خلال هذه المرحلة، يجب التأكد من توفر كميات كافية من الماء البارد والنظيف، بالإضافة إلى مراقبة كثافة الطيور في الحظيرة. الحرارة الزائدة في هذا العمر قد تؤدي إلى نفوق مفاجئ وتدهور في جودة اللحوم. يجب أن يكون الهدف هو توفير بيئة مريحة تسمح للطيور باستهلاك أكبر قدر ممكن من العلف دون الشعور بالإجهاد.

الأسبوع السادس: مرحلة ما قبل الحصاد

يصل جدول درجات الحرارة للفراخ البيضاء إلى نهايته في الأسبوع السادس. في هذه المرحلة، تكون الفراخ قد وصلت إلى وزنها النهائي تقريبًا، ويكون هدفنا هو الحفاظ على صحتها وراحتها حتى يوم الحصاد. تبدأ درجة الحرارة عند 21 درجة مئوية في اليوم السادس والثلاثين، وتنخفض إلى 20 درجة مئوية في اليوم التاسع والثلاثين، وتظل ثابتة عند هذا المستوى حتى نهاية الدورة في اليوم الثاني والأربعين.

الهدف من هذه الدرجات المنخفضة هو تقليل الإجهاد الحراري قدر الإمكان في هذه المرحلة النهائية، حيث تكون الطيور حساسة للغاية للحرارة بسبب حجمها الكبير. يجب التأكد من أن التهوية ممتازة لضمان إزالة الغازات الضارة مثل الأمونيا، والحفاظ على هواء نقي يساعد الطيور على التنفس والنمو بشكل مريح. هذا الالتزام بالجدول حتى النهاية يضمن الحصول على منتج نهائي عالي الجودة وصحي.

خاتمة

في الختام، يوضح تحليل جدول درجات الحرارة للفراخ البيضاء أن تربية الدواجن ليست مجرد عملية عشوائية، بل هي علم دقيق يتطلب اهتمامًا بكل التفاصيل. هذا الجدول ليس مجرد أرقام، بل هو دليل شامل يوجه المربي نحو توفير أفضل بيئة ممكنة لنمو صحي ومربح. الالتزام بالدرجات الحرارية الموصى بها في كل مرحلة من مراحل النمو، بدءًا من الحضانة وحتى مرحلة ما قبل الحصاد، يضمن تحقيق أعلى معدلات التحويل الغذائي، وتقليل النفوق، وزيادة الأرباح. إن فهم أهمية كل درجة مئوية وكيفية تأثيرها على سلوك وصحة الطيور هو مفتاح النجاح. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المربي دائمًا على استعداد للتعديل بناءً على سلوك الطيور وظروف البيئة المحيطة، حيث أن هذه الأرقام هي إرشادات وليست قواعد ثابتة لا تتغير. من خلال الجمع بين الالتزام بالجدول والمراقبة الدقيقة، يمكن للمربين تحقيق نتائج استثنائية في تربية الفراخ البيضاء.